"...ألا استحي من رجل تستحي منه الملائكة" حديث شريف
هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية ، يجتمع نسبه مع رسول الله-صلى الله عليه وسلم- في عبد مناف ، ولد في السنـة السادسة بعد عام الفيـل ، نشأ في بيت كريم ذي مال وجاه ، وشب على حسن السيرة والعفة والحياء فكان محبوبا في قومه أثيـرا لديهم000
إسلامه
كان -رضي الله عنه- من السابقين الى الاسلام اذ أسلم بدعوة من أبي بكر الصديق وتحمل في سبيل ذلك أذى كثيرا وظل ثابتا على عقيدته ، فقد أخذه عمّه الحكم بن أبي العاص بن أمية فأوثقه رباطاً وقال أترغب عن ملّـة آبائك إلى دين محدث ؟ والله لا أحلّكَ أبداً حتى تدَعَ ما أنت عليه من هذا الديـن )000فقال عثمان والله لا أدعه أبداً ولا أفارقه )000فلما رأى الحكم صلابته في دينه تركه000 فكان عثمان بن عفان ممن صلى الى القبلتين ، و هاجر الهجرتين : الأولى الى الحبشة والثانية الى المدينة المنورة ، وأحد العشرة المبشرين بالجنة000واختصه الرسول -صلى الله عليه وسلم- بكتابة الوحي000
حياءه
قالت السيدة عائشة : استأذن أبو بكر على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو مضطجع على فراش عليه مِرْطٌ لي ، فأذن له وهو على حاله ، فقضى الله حاجته ثم انصرف ، ثم استأذن عمر ، فأذن له وهو على تلك الحال ، فقضى الله حاجته ثم انصرف ، ثم استأذن عثمان ، فجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصلح عليه ثيابه وقال اجمعي عليك ثيابك )000فأذن له ، فقضى الله حاجته ثم انصرف000قالت : فقلت يا رسول الله ، لم أرك فزِعْتُ لأبي بكر وعمر كما فزعت لعثمان !)000فقال يا عائشة إن عثمان رجل حيي ، وإني خشيت إن أذنت له على تلك الحال أن لا يُبَلّغ إليّ حاجته )000وقد قال فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة )000
ذو النورين
تزوج عثمان -رضي الله عنه- من رقية بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلما توفيـت تزوج أختها أم كلثوم ولذلك سمي (ذي النورين) ، وعندما ماتت أم كلثوم تأسّف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على مصاهرته وقال والذي نفسي بيده لو كان عندي ثالثة لزوَّجتُكَها يا عثمان )000
مناقبه
رويَ عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أحاديث عدّة في ذِكْر مناقب عثمان منها000(إن عثمان لأول من هاجر الى الله بأهله بعد لوط)000( إن الله عز وجل أوحى إليّ أن أزوج كريمتي من عثمان )000( من يُبغضُ عثمان أبغضه الله )000 دخل الرسول -صلى الله عليه وسلم- على ابنته وهي تغسل رأس عثمان فقال يا بنيّة أحْسِني إلى أبي عبد الله فإنه أشبه أصحابي بي خُلُقاً )000
أوائل
كان -رضي الله عنه- أوّل من هاجر الى الحبشة مع زوجته رقيّة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وأول من شيَّد المسجد ، وأول من خطَّ المفصَّل ، وأول من ختم القرآن في ركعة000
بئر رومة
أنفق الكثير من ماله الوفير لخدمة الاسلام والمسلمين ومن ذلك شرائه لبئر رومة ، فقد كانت هذه البئر لرجل يهودي في المدينة وكان يبيع ماءها ، فلما هاجر المسلمون الى المدينة تمنى الرسول -صلى الله عليه وسلم- لو يجد من بين أصحابه من يشتريها ليفيض ماؤها على المسلمين بغير ثمن وله الجنة ، فسارع عثمان -رضي الله عنه- الى اليهودي فاشتراها منه ووهبها للمسلمين000
يوم الحديبية
بعث الرسول -صلى الله عليه وسلم- عثمان الى قريش يوم الحديبية ، فقد بعثه الى أبي سفيان وأشراف قريش يخبرهم أنه لم يأت لحرب ، وأنه إنما جاء زائراً لهذا البيت ومعظماً لحرمته ، فخرج عثمان الى مكة فلقيه أبَان بن سعيد بن العاص حين دخل مكة ، أو قبل أن يدخلها ، فحمله بين يديه ، ثم أجاره حتى بلّغ رسالة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فانطلق عثمان حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريش ، فبلغهم عن رسول الله ما أرسله به ، فقالوا لعثمان حين فرغ من رسالة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إليهم إن شئت أن تطوف بالبيت فطف )000فقال ما كنت لأفعـل حتى يطوف به رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- )000واحتبسته قريش عندها ، فبلغ رسول الله والمسلمين أن عثمان بن عفان قد قتل ، فدعا الرسول -صلى الله عليه وسلم- الناس الى البيعة ، فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة ، وفيها ضرب الرسول -صلى الله عليه وسلم- بشماله على يمينه وقال هذه يدُ عثمان )000فقال الناس هنيئاً لعثمان )000
جيش العسرة
ولما حث الرسول -صلى الله عليه وسلم- على تجهيز جيش غزوة تبوك الذي سمي بجيش العسرة ، سارع عثمان -رضي الله عنه- بتقديـم تسعمائة وأربعين بعيرا وستين فرسا أتم بها الألف فدعا له قائلا غفـر اللـه لك يا عثمان ما أسررت وما أعلنت وما هو كائـن الى يوم القيامة )000كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- ما ضرّ عثمان ما عمل بعد اليوم )000
الخلافة
لقد كان عثمان بن عفان أحد الستة الذين رشحهم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لخلافته000 فقد أوصى بأن يتم اختيار أحد ستة علي بن أبي طالب ، عثمان بن عفان ، طلحة بن عبيد الله ، الزبير بن العوام ، سعد بن أبي وقاص ، عبد الرحمن بن عوف )000 في مدة أقصاها ثلاثة أيام من وفاته حرصا على وحدة المسلميـن ، فتشاور الصحابـة فيما بينهم ثم أجمعوا على اختيار عثمان -رضي الله عنه- وبايعـه المسلمون في المسجد بيعة عامة سنة ( 23 هـ ) ، فأصبح ثالث الخلفاء الراشدين000
انجازاته
استمرت خلافته نحو اثني عشر عاما تم خلالها الكثير من الأعمال000نَسْخ القرآن الكريم وتوزيعه على الأمصار000توسيع المسجد الحرام000وقد انبسطت الأموال في زمنه حتى بيعت جارية بوزنها ، وفرس بمائة ألف ، ونخلة بألف درهم ، وحجّ بالناس عشر حجج متوالية000
الفتوحات
فتح الله في أيام خلافة عثمان -رضي الله عنه- الإسكندرية ثم سابور ثم إفريقية ثم قبرص ، ثم إصطخر الآخرة وفارس الأولى ، ثم خو وفارس الآخرة ثم طبرستان ودرُبُجرْد وكرمان وسجستان ثم الأساورة في البحر ثم ساحل الأردن0000وقد أنشأ أول أسطول إسلامي لحماية الشواطيء الإسلامية من هجمات البيزنطيين000
الفتنة
في أواخر عهده ومع اتساع الفتوحات الاسلامية ووجود عناصر حديثة العهد بالاسلام لم تتشرب روح النظام والطاعة ، أراد بعض الحاقدين على الاسلام وفي مقدمتهم اليهود اثارة الفتنة للنيل من وحدة المسلمين ودولتهم ، فأخذوا يثيرون الشبهات حول سياسة عثمان -رضي الله عنه- وحرضوا الناس في مصر والكوفة والبصرة على الثورة ، فانخدع بقولهم بعض من غرر به ، وساروا معهم نحو المدينة لتنفيذ مخططهم ، وقابلوا الخليفة وطالبوه بالتنازل ، فدعاهم الى الاجتماع بالمسجد مع كبار الصحابة وغيرهم من أهل المدينة ، وفند مفترياتهم وأجاب على أسئلتهم وعفى عنهم ، فرجعوا الى بلادهم لكنهم أضمروا شرا وتواعدوا على الحضور ثانية الى المدينة لتنفيذ مؤامراتهم التي زينها لهم عبدالله بن سبأ اليهودي الأصل والذي تظاهر بالاسلام000
استشهاده
وفي شـوال سنة ( 35 ) من الهجرة النبوية ، رجعت الفرقة التي أتت من مصر وادعوا أن كتابا بقتل زعماء أهل مصر وجدوه مع البريد ، وأنكر عثمان -رضي الله عنه- الكتاب لكنهم حاصروه في داره ( عشرين أو أربعين يوماً ) ومنعوه من الصلاة بالمسجد بل ومن الماء ، ولما رأى بعض الصحابة ذلك استعـدوا لقتالهم وردهم لكن الخليفة منعهم اذ لم يرد أن تسيل من أجله قطرة دم لمسلم ، ولكن المتآمريـن اقتحموا داره من الخلف ( من دار أبي حَزْم الأنصاري ) وهجموا عليه وهو يقـرأ القـرآن وأكبت عليه زوجـه نائلـة لتحميه بنفسها لكنهم ضربوها بالسيف فقطعت أصابعها ، وتمكنوا منه -رضي الله عنه- فسال دمه على المصحف ومات شهيدا في صبيحة عيد الأضحى سنة ( 35 هـ ) ، ودفن بالبقيع000وكان مقتله بداية الفتنة بين المسلمين الى يومنا هذا000